تتميز سلطنة عمان ببعد ثقافي وحضاري كبير حيث ساهمت تركيبتها الاجتماعية في الحفاظ على موروثها عبر التاريخ الذي يزخر بالتنوع ويؤكد مدى ارتباط الفرد العماني بأرضه وبيئته التي انعكست على عاداته وتقاليده الاجتماعية التي حافظ عليها ولازال متمسكا بها في ظل جميع التطورات التي يشهدها العالم، ولا شك بأنه يحاول تعليمها وترسيخها في أذهان الأجيال القادمة فهي تعبر عن هويته وأصالته.
شهر رمضان
في هذه المقالة سنستعرض لكم أهم المناسبات والعادات الاجتماعية التي يقوم العمانيون بالإحتفال بها طوال السنة التي تبدي جمالية الموروث الثقافي والديني لسلطنة عمان.
يحتفل العمانيون بهذا الشهر المبارك و يرحبون به عن طريق الإكثار من حلقات الذكر ونشر الدروس الدينية والتذكير بفضائل الشهر الكريم، كما أن للشهر الفضيل دورا في التقارب الاجتماعي من خلال تبادل الزيارات وصلة الرحم حيث لا زالت العديد من القرى تحافظ على تنظيم موائد الإفطار الجماعية التي تسمى بالسبلة حيث يجتمع الناس بمختلف أعمارهم ومستوياتهم الثقافية والاجتماعية في جو من الألفة والمحبة.
كما أن لليلة 15 من رمضان مكانة خاصة لدى العمانيين حيث تتم فيه احتفالية قرنقشوه، وهي عادة حاضرة في عديد المحافظات العمانية بحيث يجتمع أولاد الحي الواحد ويتجولون بين البيوت مرددين بعض الأدعية والأناشيد ومن بين تلك الأهازيج المتداولة “قرنقشوه يوه ناس عطونا شوية حلوى” فيرددها الأطفال وهم يصدرون أصواتا عن طريق دق صدفتين أو حجرين مع بعض، ثم يتم إهداء هؤلاء الأطفال ومكافأتهم عن طريق تقديم الحلوى من طرف الأهالي لإدخال السرور عليهم ويستغلون هذا اليوم لغرس القيم والمبادئ الاجتماعية والأخلاقية في نفوس الأطفال.
وعند اقتراب حلول عيد الفطر يستعد العمانيون لهذا اليوم بشكل خاص حيث يتم فتح أسواق خاصة تسمى بالهبطات حيث يعرض الباعة سلعا متنوعة على الأرض وتعتبر هذه العادة إرثا قديما يتهاتف عليها أهالي المنطقة والزوار.
عادة التومينة
عرفت سلطنة عمان بكونها مجتمعا محافظا ينعكس ذلك في اهتمامهم بالحفاظ على حلقات الذكر وارسال أولادهم إلى الكتاتيب ليتلقوا تعاليم دينهم وليحفظوا القرآن الكريم، فكان استظهار القرآن وختمه بالنسبة لهم أفضل من نيل أي شهادة دراسية، وتعتبر التومينة أحد العادات التي يتم من خلالها الاحتفاء بخاتمي كتاب الله وهم في سن صغيرة حيث ينظم موكب يترأسه شيخ الحلقة أو الأستاذ وبجانبه الطفل الخاتم ومن خلفهم الطلبة الذين يدرسون معه، فيقرأ الطفل بعضا من السور والأدعية ويردد الآخرون من خلفه ثم ينطلق ذلك الموكب ويجوب الأزقة مهللين ومستبشرين بهذا الحافظ الصغير ومن بين مايقال: الحمد لله الذي هدانا.. آمين، للدين والإسلام هدانا.. آمين، سبحانه من خالق سبحانا.. آمين، بفضله علمنا القرآن.. آمين.
يصل الموكب إلى بيت الخاتم فيستقبله أهله وتقدم هدية إلى معلمه وفي الغالب تكون قطعة من الملابس الفاخرة تقديرا لجهوده، وتقام مأدبة على شرفه.
التهلولة
هي عادة قديمة تعاقبت عليها الأجيال تقام بين صلاتي المغرب والعشاء في الأيام التسعة الأولى من شهر ذي الحجة، يجتمع أطفال الحي الواحد ويتقدمهم المطوع ويسمى كذلك بالمهلل والمنادي، فيتجولون حول المنازل والأحياء التي يسكنونها، فيردد المطوع التسابيح والأدعية ومما يقول: سبحان الله تعوذنا من الشيطان سبحان الله سمينا بالرحمن سبحان الله رب العرش والأركان ويردد الآخرون لا إله إلا الله خلف كل مقطع، يتم اختتام هذه العادة في اليوم التاسع من ذي الحجة ويسمى يوم النشاح حيث يجتمع كل أطفال القرية في مكان محدد وتخرج النساء فينثرن فوق رؤوس الأطفال الحلويات والعيدية استبشارا بقدوم العيد وتكريم لهم لما فعلوه طيلة الأيام السابقة.
الفنون الشعبية
كسائر الشعوب الأخرى ينفرد العمانيون بفنون شعبية وفلكلورية تقام في المناسبات مثل الأعراس والأعياد الدينية والوطنية ومن بين تلك الفنون الهبوت والرزحة والعازي والروبة والبرعة وغيرها بحيث تختلف من منطقة إلى أخرى وتؤدى عن طريق فرق مخصصة وغالبا ما يتم الاستعراض بالسيوف فيها وإلقاء القصائد الدينية أو التي تحمل معاني الفخر والإعتزاز.